العربية
النص الكامل لكلمة الامين العام للعتبة العلوية المقدسة سماحة الشيخ ضياء الدين زين الدين في المهرجان الاول لتخرج الدورة العلوية من جامعات العراق
الاخبار

النص الكامل لكلمة الامين العام للعتبة العلوية المقدسة سماحة الشيخ ضياء الدين زين الدين في المهرجان الاول لتخرج الدورة العلوية من جامعات العراق

منذ ٩ سنين - ٢٠ أبريل ٢٠١٤ ٢٢٠٤
مشاركة
مشاركة

بإسم الله وله الحمد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خيرته من خلقه محمد وآله المنتجبين .
في رحاب علي عليه السلام وفي ظلال قبته الشامخة بالكرامة والتقوى والمجد نرحب بإخوة أساتذة أجلاء وبأبناء أعزة نجباء شاء الله أن يحملهم مسؤولية قيادة الركب العلمي في هذا البلد الحبيب حيث يؤمل أن يجري له على أيديهم الخير والبركات ، ويفتح له بهم أبواب مستقبل معطاء مبارك.

النص الكامل لكلمة الامين العام للعتبة العلوية المقدسة سماحة الشيخ ضياء الدين زين الدين في المهرجان الاول لتخرج الدورة العلوية من جامعات العراق
ملء الشاشة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خيرته من خلقه محمد وآله المنتجبين .

 في رحاب علي عليه السلام وفي ظلال قبته الشامخة بالكرامة والتقوى والمجد نرحب بإخوة أساتذة أجلاء وبأبناء أعزة نجباء شاء الله أن يحملهم مسؤولية قيادة الركب العلمي في هذا البلد الحبيب حيث يؤمل أن يجري له على أيديهم الخير والبركات ، ويفتح له بهم أبواب مستقبل معطاء مبارك.

أيها الاحبة النجباء .

في إجتماعنا المبارك هذا مفاصل أربعة أرغب أن أقف معكم عند كل واحد منها وقفة قصيرة لما له من اهمية قصوى في إنسانيتنا وكرامتنا وفي مسؤولياتنا تجاه أنفسنا وتجاه شعبنا ووطننا ، وقبل ذلك كله تجاه بارئنا (تعالى) وتجاه مقدساتنا .

المفصل الأول :

شاء الله تعالى أن تصادف دورتكم هذه مرور أربعة عشر قرناً على استلام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام زمام الحكم  في البشرية بعد الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وكلكم تعلمون ما لهذا الحكم من ميزات كبرى تتطلع اليها البشرية .. كل البشرية في استقامتها وكمالها  لا على صعيد العدل الاجتماعي والانساني فحسب ، وانما على صعيد البناء الذاتي الشخصي لكل انسان حيث يكون العدل والاستقامة والمنهجية مطمحاً وغاية لكل فرد من صميم ذاته ومن أعماق وجوده كإنسان .

فهذا المستوى لا يصبح العدل تبعاً لمصلحة أو رؤية أو موقع وكما هو الشائع في الاوساط الإنسانية العائمة وانما هو حاجة من حاجات التكامل الفردي والاجتماعي الذي يسعى اليه كل إنسان في هذه الحياة من أعماق نفسه قبل أن يطلبه من الآخرين على أي مستوى كان هذا الفرد , وفي أي موقع عمل .

العدل الذي يفرق بين – (الدين لعق على ألسنتهم ما درّت معايشهم فإذا محصّوا بالبلاء قلَّ الديانون) كما في تعبير الامام الحسين(عليه السلام) - وبين  أن يقول الامير المطلق للأمة ( أ أقُنع من نفسي أن يقال أمير ولا أشاركهم في مكاره الدهر, او اكون أسوة لهم في خشونة العيش ) . وحين تكونٍ القيادة بهذا المستوى من الالتزام بالعدل, بل والتقدم  في مضماره فمن الطبيعي ان لا تقف أمامها الصعاب والمكاره والشدائد دون تحقيق الغاية المطلوبة للبشرية الكاملة من هذا العدل، ودون رفع كل ظلم وكل حيف عن كاهلها ، وان وقفت امامها جميع الاطماع والمصالح الشخصية او الفئوية ، بل وإن تهالكت تلك المصالح على تنحية هذه القيادة عن مقود الحياة , فالمقاييس في هذا الأفق هي مقاييس الحق والحقيقة والمثل العليا ، ليست مقاييس القوة والملك فعلي(عليه السلام) لم ير الدنيا كل الدنيا الا كعفطة عنز , ولم ير الإمرة الا كنعلٍ بالٍ في خطواتها الا حيث يقيم الحق في حياة الامة. ويدفع الباطل والتسلط على الاخرين عن كاهلها .

وهكذا بقيت كلمته الخالدة يوم ضربه إبن ملجم بالسيف ( فزت ورب الكعبة ) تدوي في مسامع التاريخ, إذ التضحية في سبيل الحق, وفي سبيل العدل ,وفي سبيل الخير, ورضا الله (تعالى) ، هي غاية ما يتمناه الانسان الاكمل في هذه الحياة .

إذَن أيها الإخوة الأجلاء والابناء النجباءَ فليكن نهج عليٍ(عليه السلام ) في حياته, وفي إقامته للعدل الرباني, وتحقيق الكمال الإنساني ,هو الأساس, وهو النهج, وهو الغاية , ولكل رؤية تقدمونها ولكل عمل تقومون به , وليكن هذا النهج هو الختم الواضح للشهادات التي تستلمونها عند التخرج من جامعاتكم ومعاهدكم العلمية, وفي كل إختصاص وعلى كل صعيد.

*********

المفصل الثاني : ذكرى ولادة *سيدة نساء العالمين * الزهراء البتول (عليها *السلام) التي تصادف الليلة ، ولا أستعيد معكم عظمتها, ولا مجدها وسؤددها ,ولا موقعها الخاص في دين الله(تعالى) وفي البشرية ،اذ لا أظن أنني أزيدكم شيئا في هذه الجوانب, وإن أفضت في الحديث عن ذلك ، ويكفيني أن أشير الى أن هذه المرأة الزكية, وموقف الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم منها, وقيامه إجلالاً لها حينما ترد عليه ,وإعطائها مكانه, وتصريحاته المتكررة في حقها, كل ذلك إنما هو موقف يمثل تعظيم الإسلام لكل إمرأة صرَّت على نهج الزهراء (عليها السلام) في تقواها واستقامتها وورعها ، وكمالها لتكون  هذه المرأة الطهر هي النبراس الأبدي للكرامة والعزة التي أرادها الله (جلًّ وعلا) لكل ابنة من بناته المخلصات ، وليكون موقف الإسلام من هذه المرأة الطهر هو الملجم لكل دعوى تتشدق بأن الإسلام لا يحترم المرأة ,او أنه يَهٍنُ بمنزلتها ومقامها عن الرجل, لتكون النفس الإنسانية - وكما قال القرآن - واحدة , ولتكون معايير الكرامة الالهية انما هي في الاستقامة والتقوى والوفاء بمسؤوليات الامانات الالهية الكبرى سواء صدرت هذه الامور من المرأة أو من الرجل فهما على حدٍ سواء في هذه المقاييس .

**********

المفصل الثالث:

ما يعنيه  اجتماعنا هذا واحتفالنا بدخول هذا الرعيل الزاكي من ابناء العراق وبناته ساحات المسؤوليات العلمية والحياتية من خلال استلامهم الشهادات التخرج والتخصص في مختلف الميادين العلمية التي يحتاجها الوطن والشعب في النمو والنهوض نحو الاعلى .

 ولا اظنني ازيدكم علماً حينما أؤكد على عِظَم المسؤولية وخصوصا في موازين دين الله العظيم ،ومذهب اهل البيت (عليهم السلام)، فالله (تعالى) شاء لحملة الايمان أن يكونوا هم الاعلى في جميع مضامير الحياة ...( وانتم الأعلون ان كنتم مؤمنين) وشاء لله لهم ان يكونوا هم عز في موازين التقدم والحضارة وعلى كل صعيد وفي كل افق تحملوا مسؤوليته(ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين).

 اذن فمن خلال ذلك السمو، للمؤمنين وهذه العزة، لهم يجب ان تتحملوا جميعاً مسؤولياتكم, ومن خلالهما يجب ان تنطلقوا في موازين نجاحاتكم في الاصعدة التي اخذتم على عاتقكم كفايتها وخدمتها، والله (تعالى) هو الموفق, والمسدد لكم جميعا (ولينصرنَّ الله من ينصره ,ان الله لقوي عزيز).

***********

المفصل الرابع :

مشاركتكم في اجتماعكم هذا تحت قبة الامام علي (عليه السلام) بصفتكم الشخصية ،كأبناء بررة لأمير المؤمنين (عليه السلام), وكممثلين لا خوتكم في المراحل النهائية من جامعات العراق لتكون هذه المشاركة منكم عهداً لأمير المؤمنين (عليه السلام)من اجل الوصول الى ما يريده امير المؤمنين من أبناءٍ بررة نجباء في سُلَّم الكمالات الانسانية .

1.ان يكون العلم رائدكم ،وبالدرجة التي تتعهدون لعلي (عليه السلام) ان تستلموا زمام قيادته, لا في العراق فحسب ,وانما في العالم اجمع, وبالمستوى الذي يحقق عزتكم كمؤمنين وعزة شعبكم ووطنكم على المدى القريب بل والبعيد أيضا .

2.ان تكون الاستقامة في الرؤية, وفي العمل, هي النهج الذي تحققون فيه طموحاتكم ,وآمال اهلكم وذويكم, في هذا البلد الحبيب، إذ أن للانحراف تبعاته, لا المادية فحسب وكما تشاهدون في واقعنا العملي القائم - وإنما تبعاته على علاقاتكم بالله (تعالى ) ورسوله العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم)والنجباء من آله المكرمين ( صلوات الله عليهم أجمعين)، بل وعلى علاقاتكم بأنفسكم أنتم كأناس يطمحون الى نيل الكمال الذاتي ولا اعتقد ان هذا يخفى على أحد منكم .

3.أن يكون الاخلاص لله (تعالى) هو الطابع الذي يتجسد به كل عملٍ يصدر منكم ,فبهذا الاخلاص وحده تستطيعون ، لا خصوص تنقية أعمالكم اليومية من شوائب الانحراف ، وانما الارتقاء بكل عملٍ يصدر منكم الى المستوى الرفيع الذي يرضي الله (تعالى) ويرضي الوطن, ويرضي ضمائركم, كأفراد وكجماعات تسعى للرقي وللكمال الانساني .

وختاما أكرر ترحيبي بكم ,ودعواتي الى الله (جلَّ وعلا) أن يوفقكم لمرضاته, وللنهوض بالعِلم في هذا الوطن الحبيب ،وبالوطن ذاته الى المصافِ التي ارادها الله لكم, رفعة وسمواً ومجداً وسؤُدداً .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..